بناء الإنسان المصريون نموذجًا

بناء الإنسان.. المصريون نموذجًا!

بناء الإنسان.. المصريون نموذجًا!

 العراق اليوم -

بناء الإنسان المصريون نموذجًا

بقلم : مصطفي الفقي

سعت الثورات الكبرى والانتفاضات الشعبية بل والحركات الإصلاحية إلى تغيير وجه الحياة حولها ونجح معظمها فى التشييد والعمران ولكن المعضلة الكبرى كانت دائمًا هى بناء الإنسان، ولا نكاد نعرف نموذجًا أفضل من الثورة الفرنسية فى كم الأفكار التى طرحتها وحجم الرؤى التى أفرزتها حتى كانت بحق نقطة تحول لا فى التاريخ الأوروبى وحده ولكن فى التاريخ الإنسانى كله بما طرحته فى شعارها الشهير حول الحرية والمساواة والإخاء، وإذا نظرنا إلى مصر وتاريخها فسوف نكتشف أن هناك مفاصل واضحة أدت إلى تغيير الإنسان المصرى، وتحكمت إلى حد كبير بالأفكار الوافدة والأطروحات الجديدة، ونستطيع أن نرصد أربعة تواريخ حاكمة فى تكوين الشخصية المصرية وتحديد هوية الإنسان المصرى، فبعد التاريخ الفرعونى المجيد وحضارة مصر القديمة الملهمة ثم تعاقب اليونان والرومان نمضى مع الطريق الطويل لنسجل ما يلى:
أولًا: لقد كان (الفتح الإسلامى) نقطة تحول كبرى فى تاريخ الشعب المصرى عندما دخل غزاة الصحراء إلى الوادى الأخضر وهم يرفعون رايات الإسلام الحنيف ويستترون بمظلته السمحاء ولقد يتوهم الكثيرون أنه بدخول جيش «عمرو بن العاص» تحولت مصر بين يوم وليلة إلى دولة إسلامية تتحدث اللغة العربية ولكن الأمر غير ذلك تمامًا، فلقد ظلت مصر لأكثر من قرنين والأغلبية قبطية بينما اقتصرت اللغة العربية على أن تكون لغة السلطة ودواوين الحكم إلى أن جاء (الفاطميون) وشهدت العقود الأولى لحكمهم اضطرابًا شديدًا فى التعامل مع الأقباط صعودًا وهبوطًا مع التشدد فى جمع الجزية والمغالاة فى العقوبات فضلًا عن التطرف فى سلوكيات بعض الخلفاء الفاطميين وأبرزهم «الحاكم بأمر الله»، وعندما بدأ الأقباط فى استخدام اللغة العربية فى صلواتهم بالكنائس كان ذلك إيذانًا بالتعريب الكامل لمصر حتى أصبحت الأغلبية العددية فيها لمن يدينون بالإسلام، فالفتح العربى حدث مفصلى تشكل منه التراث الاجتماعى مستمدًا فى معظمه من العصر الفاطمى.

ثانيًا: آثار (الفتح العثمانى) على مصر عندما قدم إليها «سليم الأول» ليجثم الاحتلال التركى على صدر الكنانة باسم الخلافة وتحت عباءة الإسلام وعمامة «آل عثمان»، ولقد تحكمت قرون الوجود التركى فى مصر كثيرًا فى شخصية المصرى وأسلوب معيشته وطريقة تفكيره، ولا تنسى صفحات التاريخ أن الفاتح العثمانى قد أرسل أمهر الصناع المصريين إلى عاصمة الخلافة ليبنوا مجدًا لغيرهم وقصورًا ومساجد لسواهم! وهكذا فرض الأتراك على مصر عدة قرون من التخلف والظلام.

ثالثًا: تعد (الحملة الفرنسية) نقطة تحول مفصلية فى تكوين الشخصية المصرية التى بدأت تتبلور بوضوح وتتميز بدرجة من الاستقلال برغم السخرة وسطوة الحكم وطغيان العنصر الأجنبى أحيانًا، ولكن ذلك لا يحول دون القول بأن مدافع الحملة الفرنسية قد أيقظت «مصر» والمصريين كما أن «محمد على» الحاكم الوافد قد تمكن من وضع اللبنات الأولى لمصر الحديثة، وجاءت صيحة «عرابى» فى «ميدان عابدين» لتوقظ الروح المصرية فى الجيش ويمتد تأثيرها إلى صفوف الشعب بعد أن بدأت مظاهر التمدن والحداثة فى «القاهرة» و«الإسكندرية» وبعض مدن السواحل.

رابعًا: إن التحول الأخطر فى نظرى قد جاء عندما تراجعت (مبادئ ثورة 1919) بما فيها من ليبرالية وتمسك بالوحدة الوطنية مع مسحة علمانية لم تصطدم مع الدين عمومًا حتى كان يوم (23 يوليو 1952) واندلاع ثورة الجيش التى باركها الشعب وأحدثت نقلة نوعية كبرى فى تكوين الإنسان المصرى ونفخت روحًا جديدة بما لها وبما عليها فأصبح الإنسان المصرى بعد 1952 مختلفًا عنه قبلها حتى جاءت أحداث يناير 2011 ويونيو 2013 لكى تكون تعزيزًا لروح جديدة لا تخلو من سلبيات بالرغم من كل المحاولات الجادة للبناء، ولقد نجح الرئيس «عبدالفتاح السيسى» فى دعم البنيان ولكن بقى عليه أن يبنى الإنسان!.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
المصدر: المصري اليوم

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بناء الإنسان المصريون نموذجًا بناء الإنسان المصريون نموذجًا



GMT 04:55 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

السباق على استعمار القمر

GMT 04:46 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

نتانياهو متهم والولايات المتحدة تؤيده

GMT 04:40 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

فى حياته.. ومماته!

GMT 13:45 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الإعلام والدولة.. الصحافة الورقية تعاني فهل مِن منقذ؟!

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 02:48 2016 السبت ,24 أيلول / سبتمبر

قالب معكرونة بشاميل محشية بالدجاج والشيدر

GMT 14:46 2020 الثلاثاء ,28 تموز / يوليو

صور شهداء ذي قار تزين باحة مجلس النواب العراقي

GMT 23:04 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

مُنخفض قطبي يضرب عددًا مِن الأراضي الفلسطينية

GMT 18:50 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

خمسة أسئلة تساعدك على تحقيق أحلامك في عام 2019

GMT 12:17 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

3 نصائح للرجال لاختيار لون ربطة العنق المناسبة

GMT 03:32 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

6 أفكار أنيقة مميزة لزينة حفلات الزفاف

GMT 20:44 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الإعلامية داليا كريم تنهي مأساة أسرة عمرها سنوات

GMT 04:03 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

الكلاسيكية تطغى على منزل سكارليت جوهانسن الجديد

GMT 05:24 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

نهيان بن مبارك يحضر أفراح الساعدي والراشدي

GMT 20:52 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

تعاون روسي سعودي في مجال الطاقة الكهربائية

GMT 01:37 2018 الثلاثاء ,26 حزيران / يونيو

"روسيا" تختبر شاحنة قادرة علي السباحة

GMT 10:40 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

نيللي مقدسي تطرح كليب "هلا هلا" لجمع نساء العالم

GMT 05:02 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

كمين أمني محكم يوقع تاجر "مواد مخدرة" في العيون
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq