رحيل جان دانيال

رحيل جان دانيال

رحيل جان دانيال

 العراق اليوم -

رحيل جان دانيال

بقلم : إنعام كجه جي
بقلم : إنعام كجه جي

سين: هل من اللائق أن أسألك عن سبب تمسكك بالملكية؟
جيم: أنا مغربي قبل أن أكون ملكاً. ليهلك النظام الملكي إذا كان ذلك من مصلحة المغرب. لكن دعني أقل لك إن هناك حلين للوضع الحالي في المغرب: إما الملكية أو نظام اشتراكي ديكتاتوري.
صاحب الجواب هو الحسن الثاني. وصاحب السؤال هو الصحافي الفرنسي جان دانيال في مقابلة جرت قبل نصف قرن. وقد تبعتها مقابلات عديدة، آخرها واحدة مطولة قبيل رحيل الحسن الثاني بأسبوعين. إن دانيال هو الوسيط الذي نجح، عام 1970. في ترتيب لقاء سرّي بين العاهل المغربي وناحوم غولدمان، رئيس المجلس اليهودي العالمي. وكان أصدقاء الصحافي يستعدون للاحتفال ببلوغه المائة، هذا الصيف، لكنه توفي الخميس الماضي عن 99 عاماً. عاش حياة جمعت المدهشات.
دخل جان دانيال بوابة المقابلات السياسية من خلال مجلة «الإكسبرس». لم يكن شهيراً لكن حادثة جعلت اسمه على كل شفة ولسان. ففي عام 1963 حصل على مقابلة مع جون كيندي وأمضى معه 25 دقيقة في المكتب البيضاوي. ولما عرف الرئيس الأميركي أن دانيال يخطط لزيارة كوبا، طلب إليه نقل رسالة إلى فيديل كاسترو.
بعد شهر سافر الصحافي إلى هافانا وأمضى يومين كاملين يستمع إلى الزعيم الكوبي. كان يأمل، بمساعدة زميله بن برادلي، مدير «واشنطن بوست» فيما بعد، أن يجمع الخصمين. في 24 أكتوبر (تشرين الأول) كان جان دانيال في مكتب كاسترو حين رنّ الهاتف: اغتيل كيندي.
صاح القائد الكوبي: «هذا خبر سيئ». قال لمضيفه إن كيندي كان ضده في كل شيء لكنه أفضل من كل الآخرين. وعاد الصحافي لينشر وقائع ما سمعه ما بين واشنطن وهافانا وتتناقل وكالات الأنباء رسائله. وفي السنة التالية غادر جان دانيال «الإكسبرس» ليؤسس مجلة «النوفيل أوبزرفاتور» بمساعدة صديق ثري. مطبوعة مستقلة لا تقبل الإعلانات التجارية. كان الاتفاق أن يكون هو حراً في التحرير وصديقه حراً في الميزانية. لا أحد يدوس على قدم أحد. أبدع الصحافي في تحويل الأحداث روايات أدبية.
أواظب منذ زمن بعيد على مطالعتها وأنتظرها في صندوق بريدي. أقرأها بتمهل، من الخميس إلى الخميس. ألقى معلومات وتحليلات وفكراً رحباً وعبارة رشيقة. أتعلم منها فنون التحرير الحديث وآه كم أتمنى لو كانت لنا مجلة مثلها. وقفت باريس كلها تنعى مؤسس المجلة التي جرى اختصار اسمها إلى «لوبز». كان آخر الكبار من ربابنة الصحف الفرنسية الكبرى. قيل إنها صحيفة النخبة. والنخبة اليهودية اليسارية بالتحديد. لكن اليهودي المولود في بليدة الجزائرية باسم جان بنسعيد عرف كيف يجعل من مجلته وليمة دسمة ينتظرها قادة السياسة والثقافة في أفريقيا الفرنكفونية. وإلى جانب علاقاته الوطيدة مع كبار أدباء عصره من الفرنسيين، كامو وسارتر وأندريه جيد، فإنه ارتبط بصداقات مُعمرة مع زعماء المغرب العربي. كانت له مواقفه في دعم ثوار الجزائر. وبسببها اختلف مع صديق عمره ألبير كامو. غطى حرب التحرير لحساب «الإكسبرس» وبسبب تغطياته كانت الصحيفة تتعرض للمصادرة من الرقيب العسكري. تابع المجاهدين في تونس حين أصيبت سيارته بقصف من طائرة فرنسية صغيرة، عام 1961. أجريت له جراحة في مستشفى بنزرت أنقذت حياته. شفي وعاد إلى الأرض الساخنة.
اقترب جان دانيال من الفلسطينيين وانتقد حتى رمقه الأخير سياسة نتنياهو والعسف الإسرائيلي. كان من أوائل من طرح حل الدولتين. عاش يكتب مؤمناً أن السلام آتٍ. وتأخر السلام كثيراً. مات ولم يره. وقد لا نراه.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رحيل جان دانيال رحيل جان دانيال



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 08:17 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

نبيلة عبيد تكشف عن أصعب شخصية جسدتها في السينما

GMT 10:09 2014 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

استخدامات الستائر الحاجبة للضوء "blackout"

GMT 00:47 2016 الجمعة ,30 كانون الأول / ديسمبر

عريوات يكشف تحقيق "إيبوكسي" رواجًا في الجزائر

GMT 04:02 2015 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الشتاء يهدد اللاجئين في أوروبا بعد رحلات محفوفة بالمخاطر

GMT 07:09 2019 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

فساتين سهرة باللون الوردي من مجموعات كروز 2020

GMT 15:55 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

حليمة بولند تستعرض فخامة منزلها الجديد في البوسنة

GMT 03:13 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

موضة الشعر القصير ترافق النساء منذ الحرب العالمية الأولى

GMT 02:23 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

جيروم باول يؤكد أنه لن يستقيل من منصبه

GMT 16:21 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

كولاك يؤكّد أن الدوري السعودي يتطور للأفضل

GMT 11:27 2018 الأحد ,09 كانون الأول / ديسمبر

"شانغريلا"يطلق عروض كانون الأول في الأعياد

GMT 03:31 2018 الثلاثاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

"آبل" تُطلق الجيل الجديد من سماعات "AirPods" في عام 2019
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq