مركزية فلسطين في زمن «التطبيع»

مركزية فلسطين في زمن «التطبيع»

مركزية فلسطين في زمن «التطبيع»

 العراق اليوم -

مركزية فلسطين في زمن «التطبيع»

حسن البطل
بقلم : حسن البطل

زميلي ومواطني عماد شقور يفوقني عمراً بقليل من السنوات، ويفوقني أكثر في خبرته بالشأن الإسرائيلي، فهو عاش سنوات النكبة وما بعدها في قريته سخنين، وانضمّ لاحقاً إلى مؤسسات (م.ت.ف).. ثم عاد إلى قريته بعد أوسلو!
هذه سلطتنا تُلام على أمرين، على أوسلويتها عن حق، وعن باطل في صمتها على الرسمي إزاء «تطبيع» العلاقات العربية ـ الإسرائيلية، وبخاصة مع دول خليجية، خلاف حملتها الصاخبة، لما كانت في المنفى، على معاهدة «كامب ديفيد» المصرية ـ الإسرائيلية، التي عُقدت قبل اتفاق مبادئ أوسلو، وبعدها صمتت السلطة عن معاهدة «وادي عربة»، التي تلت اتفاقية أوسلو.
لعماد شقور، مقالة غير منتظمة في جريدة «القدس ـ العربي» الصادرة في لندن، وتمتاز مقالاته فيها باستشراف الآتي وبمرجعية الماضي.. منذ بازل إلى ما بعد السلطة الفلسطينية.
من عبقرية لغة الضاد غناها الفريد في الاشتقاق، بحيث أن الوزير جون كيري، الذي يتقن الفرنسية، وعمره يفوق عمري، قال إنه يأمل بتعلم العربية لجمالها وغناها!
لاحظوا، مثلاً، أن لفظة «خفيف» صارت مستخدمة بالعبرية، فهلّا التفتم إلى لفظة «حفيف» أي حركة أوراق الشجر بفعل نسمات الريح «الخفيفة»؟
في مطلع سنوات أوسلو، قال لي أحد معارضيها الزميل، رشاد أبو شاور إنها تذكره بلفظة «تضبيع» كما تذكر آخرين، مثلي، بلفظة «تطويع». ها هم يستخدمون «التطبيع» الإسرائيلي مع دول خليجية ثانوية الحجم السياسي في «صفقة القرن» الترامبية لـ «تطويع» فلسطين.
حسناً، قبل هذه الأوسلو، وحتى قبل انطلاقة الثورة الفلسطينية، كانوا يصفون الصراع مع إسرائيل بأنه «صراع عربي ـ صهيوني»، وبعد السلطة الأوسلوية صاروا يستخدمون «التطبيع» العربي ـ الإسرائيلي، إلى أن حلّ مكانه وصف الصراع بأنه «صراع فلسطيني ـ إسرائيلي» يحاول ترامب وجوقته اليهودية ـ الصهيونية حلّه، مع الاعتراف بأنه «أصعب الصراعات» في عالم اليوم!
يُقال إن العرب انسحبوا من مركزية قضية فلسطين، لكن صارت فلسطين مركزية بالنسبة لإسرائيل، كما هي مركزية في «صفقة القرن» الترامبية.
السلطة الفلسطينية مغدورة في صمتها الرسمي على التطبيع العربي ـ الإسرائيلي. لماذا؟ لأنها تصارع إسرائيل في زمن «اشتباك» معها، ومنذ بداية «الصفقة» الترامبية صارت في حالة اشتباك مع سياسة الإدارة الجمهورية الأميركية الحالية، أي تقاتل على جبهتين، كما كانت تفعل في مرحلة المنفى في صراعها مع إسرائيل من جهة، وصراعها مع النظام العربي من جهة أخرى، دفاعاً عن «القرار المستقل».
في مقالة لي يوم 3/4/2018 لخّصت الحال العربية والفلسطينية الراهنة بالقول: «يذهب العرب إلى حروبهم.. ونذهب منذ أوسلو إلى جولات حروب في صراعنا مع إسرائيل».
اسم هذا العمود هو «أطراف النهار» أي بدايته ونهايته، وكانت لي في المرحلة البيروتية زاوية أسبوعية في «فلسطين الثورة»، عنوانها «فلسطين في الصراع» ثم زاوية في المرحلة ما بعد البيروتية بالاسم ذاته «قضايا الصراع» وبينهما في مرحلة غزو إسرائيل للبنان 1982 زاوية يومية بعنوان «في العدد»!
كتبتُ مراراً هذا العمود أن أوسلو، مهما قيل عنها وفيها فإن وصفها الصحيح هو أنها «نقلت البندقية الفلسطينية من كتف عربي رخو إلى صخرة على صدر إسرائيل».
في زمن «الاشتباك» السياسي والجغرافي والديمغرافي مع إسرائيل، والاشتباك مع «صفقة القرن» هناك حالة انقسام تُلقي بظلالها على فاعلية الاشتباكين، وتبدو وكأنها تقرض من مركزية قضية فلسطين فيهما.. لكن، هل لاحظتم أن أسابيع المسيرات الشعبية في غزة إلى خطوط التماس مع إسرائيل تحمل العلم الفلسطيني، دون سواه من رايات الفصائل؟
حتى لو سايرت واشنطن في مشروع صفقتها إسرائيل في وصف الاحتلال الإسرائيلي أنه ليس احتلالاً والمقاومة بوصفها «إرهاباً» بما يطلق عقال السعار الاستيطاني الإسرائيلي للضفة الغربية، وخصوصاً في المنطقة (ج) فإن إسرائيل ستبقى في حالة «صراع» مع فلسطين؛ والسلطة الفلسطينية في حالة صراع معها على المنطقة (ج) سواء في «مدارس التحدّي» كما هو حال «الخان الأحمر» أو شق مئات الكيلو مترات من الطرق الزراعية، وحفر شبكات من آبار المياه. إسرائيل تهدم وفلسطين تبني!
هل لاحظتم أن مدن أميركا البيضاء أضافت إلى بعض أسماء مدنها عبارة «جديدة New «، ولكنها حافظت على أسماء أطلقها الهنود الحمر على بعض الأنهار والجبال وأسماء الولايات.. أما إسرائيل، فهي مسعورة في إطلاق أسماء عبرية وتوراتية على مستوطناتها، أو تحوير الاسم الفلسطيني إلى لفظ عبري، أي انتحال الاسم، كما فعلت في مدينة «نتسيرت عليت» قرب الناصرة وعلى أراضيها.
الآن، بعدما أصبح ربع سكانها من الفلسطينيين، وتبقى الناصرة مدينة السيد المسيح والحجاج إليها، يفكر الإسرائيليون في تغيير اسمها، وإطلاق اسم عبري توراتي عليها، لأنها فشلت في المنافسة مع الاسم التاريخي والديني لمدينة الناصرة.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مركزية فلسطين في زمن «التطبيع» مركزية فلسطين في زمن «التطبيع»



GMT 22:29 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

موت العامل جمال؛ جيران، نوم القهر!

GMT 23:35 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

باروميتر؟

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

GMT 21:07 2021 الأربعاء ,03 شباط / فبراير

مدارس؛ المناهج واللا ـ منهاجية!

GMT 23:34 2021 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

قفل "حل الدولتين" مفتاحه دولة فلسطينية

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 17:51 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

تنتظرك أحداث مهمة وسعيدة

GMT 11:05 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

وفاة والد لاعب الكرة المصري أكرم توفيق

GMT 09:34 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

سيق إطلالة عصرية بنقشة النمر من وحي مايا دياب

GMT 15:47 2020 الخميس ,31 كانون الأول / ديسمبر

اطلالات رأس السنة بوحي من فساتين هدى القطّان

GMT 09:17 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

أسود تقتحم شارعًا مكتظًا بالسيارات في جنوب أفريقيا

GMT 06:39 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

أرقى تصاميم المجوهرات من وحي ثلوج الشتاء في 2018

GMT 07:21 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم "الغردقة الطائر" تجربة طريفة في الجونة

GMT 06:42 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

سينما "جومانجي" للنجم روبين ويليامز تعود من جديد

GMT 20:49 2017 الأحد ,08 تشرين الأول / أكتوبر

أبو ريدة يؤكد أنه لم يفقد الثقة في المنتخب المصري

GMT 07:38 2017 الجمعة ,02 حزيران / يونيو

لا تنجح مؤامرة متآمر إلا بتقصير مقصر

GMT 04:13 2017 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

حساء "البيصارة" المغذي بالطريقة المغربية

GMT 19:58 2014 الأحد ,20 تموز / يوليو

الإثنين أولى هبطات العيد في وادي بني خالد

GMT 18:49 2013 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

توم إيفانز يتألق بسروال ضئيل في طقس متجمد
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
Pearl Bldg.4th floor
4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh
Beirut- Lebanon
iraq, iraq, iraq